"تطرفوا"
أيها
اللبنانيون...
جولي أبوعرّاج
قال
جبران خليل
جبران " أحب من
الناس
المتطرفين"...
"والتطرف"
الذي عناه هذا
الفيلسوف
الكبير ليس
بالتطرف الديني
او
الفئوي او
المذهبي، وانما
تطرف من نوع اخر تعشقه
كل نفس حرة
تتوق الى
التحرر
والخروج من لجج الرق
والعبودية
والارتهان
والخوف....
وما
أحوج الشعب
اللبناني الى
هذا النوع من "التطرف"...
خصوصًا "التطرف"
للهوية
والقومية
اللبنانية
التي اهتزت
كرامتها
بعدما تحول
كيانها
ملعبًا لـ"القوى"
ومتنفسًا
لصراعاتها.
على
مدى ثلاثين
عامًا، انقسم
الشعب
اللبناني بين
هذه وتلك من
القيادات
السياسية،
منها من ارتهن
"لبنانيًا" ومنها
من كان بعدًا
خارجيًا على
أرض لبنان...
كنا
"معتدلين" في
انتمائنا
اللبناني،
وزنا مقاصدنا
بالموازين،
وقسمنا
هويتنا
بالمقاييس
وفصلنا "لبنانيتنا"
وفقًا
لتطلعات
الغير
ومصالحهم. فكنا
جبناء،
احتمينا بالاحزاب
والطوائف
والعائلات
التي قادتنا
الى صحراء مقفرة
خالية من
الرشاد،
فوقفنا من
رايتنا موقف
الحياء...
ألبسونا
ثوبًا فُصل
لشعب آخر،
ربطونا بقضية
أهلها منها
براء... أهدروا
دماءنا
استجابة
لتقلباتهم
السياسية
وانتماءاتهم
الخارجية من
أجل ثوابتهم "الذاتية
والمنفعية".
أوجدونا في "خربة
" سياسية
وإدارية
أطلقوا عليها
لقب "دولة "،
لا سقف ولا اعمدة
لها، رزحنا
فيها تحت رحمة
العواصف
والأطماع
ووحوش الغاب،
ثلاثة عقود من
الزمن، ولا
نزال على هذه
الحالة
الموجعة المحزنة...
وبعد...
ماذا
فعلنا للبنان
الذي نحب؟ هل
ثرنا مرة واحدة
على حكامنا
الذين كانوا
وما زالوا
يمتصون
دماءنا
ويسيّروننا
في طريق
مجهول؟
ماذا
فعلنا عندما
صرخ الوطن
لمساعدته على اشباع
جوعه
للاستقلال
وستر عريه
بالسيادة؟
ماذا
فعلنا عندما
انتهك الفساد
جسده وكيانه،
وانتهكوا
حرمة ادنى
حقوقنا
بالعيش على
ارض وطننا
بكرامة.
ماذا
فعلنا، نحن اللبنانيين،
يوم فرضت
علينا حرب،
محبوكة،
مفصلة، مجهزة...فاعتمدت
وسيلة
لاسترداد "الشرف
العربي".
ماذا
فعلنا
لحضارتنا
اللبنانية
التي انارت
العالم
بحرفها واضاءت
الكون
بمفاهيمها الانسانية...؟
قد
يجيب بعضكم،
على سبيل
المثال لا
الحصر:
كيف
"ماذا فعل" الشعب
اللبناني
ودماء
الشهداء
جداول خضبت ارض
الوطن بالاحمر
القاني، عبر
قوافل حفظها
التاريخ
شاهدًا لابطال
قدموا اغلى
ما لديهم...؟
كيف
"ماذا فعلنا" وشباب
7 آب جسدوا
التصلب
والعناد في
الدفاع عن
الحق، كالارزة
التي تتمسك
عروقها بتربة
الوطنية
وتنمو بفروعها
بقوة
الاستمرار؟
كيف
"ماذا فعلنا" والعالم
انحنى بأسره
يوم صدح صوت
القرآن ممزوجًا
بأجراس
الكنائس في
الرابع عشر من
اذار 2005.؟
الحق
أقول لكم... لم
نفعل شيئا... رغم
اننا في
هذه المحطات
كنا "متطرفين"
لكن ما لبثنا ان "اعتدلنا"...
وتطرفنا
كان نسبيا لاننا
كنا اصداء
لخطابات
حركتنا فيها
قناعاتنا
وغريزة العقائد
والانتماءات "الوضعية"...
ولم
نتطرف يومًا
للبنان... الكيان
والهوية
والحضارة...
نحن
"هذا الشعب
العظيم " الذي
نفاخر
بماضينا
ونتباهى
بآثارنا
ونتبجح
بأعمال
جدودنا، لا
يمكن ان
نكون عبيدًا
بميولنا
لأفكار تقسيمية
داخلية تفرز
صناع "حضارة
الأمة
اللبنانية" على
اساس
طوائفهم
ومذاهبهم
استجابة
لأصحاب
المصالح الشخصية...
نحن
"ابناء
التربة القدسية"والأمة
النهضوية
التي بإرثها
نهض العالم
وتقدمت الانسانية،
لا يمكن ان
نكون رهينة
المحاور الاقليمية
والدولية
التي تريد اسكاننا
ابدًا في "الخربة"
لتبقى شعوبها ازلاً في
قصور من الامن
والاستقرار.
عتدلنا
لاننا
خفنا الحق "الملك"
وابتعدنا عن
الشيطان "الباطل"...
لأننا
وقفنا
موافقين على
الواقع
المرير الذي
فرضوه علينا
محدقين في ظل المؤامرات غارقين
في مستنقعات
الضعف
والارتياع...
آن الاوان
لان نكون "متطرفين"
للبنان...
لبنان
الأمة
الجامعة
بثقافاته
التعددية التي
أوجدت هوية
قائمة
بذاتها،
وخصوصية
وطنية ورسالة
حضارية "وساطية".
لنكن
متطرفين،
مشغوفين،
مسترخصين كل
شيء الا
المصلحة
العليا للوطن...
والغرض
الأسمى
لوجودنا "لبنان
الكيان
والهوية".
لنكن
متطرفين: نُرجم،
نُحرق،
نُشنق، نقضي
بحد السيف من
اجل سيادة
لبنان
الواحد...
لنكن
متطرفين
متمردين
ثائرين في وجه
السلوكيات والانانيات
التي تهدد
الوطن
المستقل... وان
كانت صادرة عن
رموز
تقليديين.
لنكن
متطرفين في
عبادتنا
للبنان السيد
الحر، معتمدين
منطق "ما
للبنان للبنان
وما للغير للغير..."
واضعين
مذاهبنا واحزابنا
وزعماءنا وابعادنا
الخارجية في
المراتب "الدنيا"
من سلم اولوياتنا...
لانهم
كلهم زائلون
ولبنان باقٍ.
23
أيلول 2006