العماد
عون: فكر ومواقف
الياس
بجاني
مسؤول
لجنة الإعلام
في المنسقية
العامة
للمؤسسات
اللبنانية
الكندية
كثيرونً
يدعون فهمهم
لفكر وطروحات
دولة الرئيس
العماد ميشال
عون،
فيحاولون
تقويله ما لم
يَقُل،
وينسبون إليه
ما هو عنه
بعيدٌ ، بُعد
السماء عن
الأرض لجهة طروحاته
والممارسات،
سبب كل ذلك
فهم وتحليل
سطحيِّين لخط
القائد
الباسل. فمن
أهم ثوابته
التي لم يحِد
عنها في يوم
قيد أنملة هي
تعلقه بلبنان
السيد الحر
المستقل،
هوية وحدوداً
وقراراً، وبمقته
الشديد لموبوآت
المصالح
الذاتية
والمذهبية
والتعصب والتكاذب.
وخلافاً
للسواد الأعظم
من العاملين
في الشأنين
العام
والوطني في
لبنان، يتمتع
الجنرال عون
ببُعد رؤية
سياسية تقارب
أحياناً
النبوءات،
بطهر أخلاقي
صوفي يُحسد
عليه، بعمق
إيماني
لاهوتي لافت
في ثقافته
وسعة آفاقه،
وبصراحة
صارخة تفضح
رياء الآخرين،
له ثقة بالنفس
راسخة
جذَّابة ومغناطيسية
تشد الجماهير
الأحرار
وأصحاب
الكرامات، وبعفوية
وطلاقة وقوة
تعبير مبسطة
قلَّما نجدها
عند نظرائه
قادة ورعاة.
يصعب على
البعض فهم
مرامي
مبادراته وطروحاته
المتقدمة،
تخيفهم
تحذيراته
التي لم يخطىء
يوماً في
تقديراتها،
وتزعجهم
قفزاته الشجاعة
فوق الكثير من
العوالق الطبقية
والمذهبية. في
هذا السياق
جاءت الهجمة
الحالية عليه
بسبب جهلهم
المطبق
لأهداف مبادرته
الأخيرة
ولقاء وفود من
التيار الذي يرأس
مع العديد من الفرقاء
اللبنانيين
الذين
يختلفون وخطه
على كل شيء تقريباً،
فاستعان هذا
البعض بمخزون
مخيلته من
الأوهام،
والحقد الدفين
والغيرة،
وبآلية
الإسقاط
البشرية،
مشككاً
بلبنانية
العماد
وبتعلقه
بالهوية،
متهماً إياه
بالتنازل عن
الثوابت
والمعارضة
والانتماء
مقابل صفقات
نيابية، وما
إلى آخر المفردات
الخشبية
القاذفة
عُقَدَ النقص
والغباء. لن
ندافع ولن
نحلل أو نبرر،
بل نستعير الردود
على ما قيل
وما يقال، من
أقوال العماد
نفسه الموثقة،
لعلَّ هذا
يريح مُريد
العِلم،
فيتعظ ويُتعلم،
وسوف نورد
اليوم بعض ما
جاء في مقابلة
للعماد مع
مجلة "المحرر نيوز
السورية"
التي أجراها
معه الصحافي
نهاد الغادري
في 3 كانون
الثاني 1994، على
أن نتابع
الاستعارات هذه
في حلقات
قادمة.
سؤال
صريح: هل
يتحدث العماد
عون كلبناني
أو كمسيحي؟
العماد:
لا أستطيع أن
أفصل ما بين
مسيحيتي ولبنانيتي
ومشرقيتي،
فأنا مسيحي
لبناني أنتسب لمنطقة
الشرق الأوسط.
سؤال:
هل أنت مسيحي
لبناني عربي؟
العماد:
حدد لي
العروبة
أولاً لأجيب
سؤال:
بمعنى
الانتماء
لمنطقة ولغة!
العماد:
بهذا المعنى
نعم
سؤال:
وماذا عن
اللغة؟ فنحن
نتحدث
العربية
مثلاً،
ونقاشنا الآن
يدور بالعربية
التي تتقنها.
ألا يعني ذلك
شيئاً؟
العماد:
إنني أتحدث
الفرنسية
أيضاً، دعني
أسألك: وماذا
عن أوروبا
التي تندمج
وتتحدث لغات
كثيرة مختلفة،
وتنتمي لتراث
مختلف وتاريخ
عجيب من
الصراع؟
سؤال:
لم تجب على
السؤال
تماماً؟
العماد:
إذا كانت
العروبة
عرقية فلا،
وفي العالم
العربي تعيش
أعراق شتى،
أما إذا كانت
بمدلول عام،
فليس ما يمنع
أن نتحدث
عنها، وندير
النقاش حولها،
ونتفهمها،
ونقر بدورها
وتاريخها وحضورها.
سؤال:
يحمل جوابك
الكثير من
التردد وربما
شيئاً من الخشية!
العماد:
صحيح ففي
أعماقنا خوف،
عندنا في
لبنان تجربة
متقدمة، ومن
حولنا أكثرية
تشدنا إلى
الخلف، هذا ما
نخشاه.
سؤال:
أين هي جذور
التجربة التي
يخشاها
العماد عون
معبّراً فيها
عن مخاوف فريق
من
اللبنانيين. أهي
في أحداث 1860 أم
1958؟
العماد:
قبل ذلك، إنها
تعود إلى
المرحلة العثمانية
التي امتلأت
بالغضب، ولكي
يبررّوا استيلاءهم
على السلطة،
وهم من غير
العرب، فقد زادوا
من تعصبّهم
وغالوا فيه،
وحمّلوا
الإسلام وزر
موقفهم
وسياستهم.
ولقد حصل
لبنان من خلال
تلك المراحل
التي تعود إلى
قرون مضت، على
شيء من الكيانية
والاستقلالية،
ولذا فمن
الخطأ القول
بأن لبنان خلق
في "سايكس
بيكو"
ووجود من خلال
ذلك الاتفاق
التاريخي ما
بين إنكلترا
وفرنسا. ,إذا
أردنا أن نكون
صادقين، وأن
نجد حلولاً
جدية
لمشكلاتنا
وعلاقاتنا، فلا
بد من
المصارحة، لا
بد من القول
بأن المسيحي
اللبناني
يتطلع إلى
التكافؤ، إلى مواطنية
يحميها قانون
يطبق على
الجميع
بالتساوي، ولا
يُفرض عليه أن
يكون ذميَّاً.
سؤال: هل
تؤيد أي صيغة
تحمي للمسيحي
حقوقه ووجوده
الحر، وتوفر
له ضمانة
الأمن
الحقيقي بلا زيادة
أو نقصان؟
العماد:
من المؤكد
وأشدد على موضوع
ممارسة
الحرية.
سؤال:
هل تعتقد أن
ممارسة
الحرية
للمسيحي يمكن
فصلها في وطن
حر عن ممارسة
الحرية
للمسلم؟
العماد:
لا، لذا نعود
إلى البداية،
وإلى أجوبتنا
الأولى،
ودعني أسألك:
هل من الممكن
أن أحمي الحرية
في لبنان إذا
لم تكن متوفرة
في جواره؟
سؤال:
كيف تستطيع أن
تلخص المشكلة
من خلال هذا
العرض.
العماد:
نلخصها بجملة
بسيطة، إننا
نواجه ونعاني
من مشكلة
إنسان بلا
حقوق في الشرق
الأوسط ويوم
تتوفر هذه
الحرية يسقط
الكثير من
المخاوف،
وتسهل معالجة
ما تبقى في
إطار دولة
حديثة.
سؤال:
سؤال قد يكون
غريباً: هل
تحب دمشق؟
العماد:
ولو، لطالما
غنيّت مع سعيد
عقل وفيروز
سائليني يا
شام، بغض
النظر عن
السياسة
والدبلوماسية.
أنا عسكري،
وطبيعة
ثقافتي أن من
تحاربه اليوم
يجب أن تتفاوض
معه غداً،
فإذاً لا يوجد
شيء ثابت، ولا
كراهية عندي،
ثمة خصومية
سياسية
صنعتها
الظروف، كل ما
أستطيع قوله
هو أن يدنا
ممدودة
للخير، وفي
اتجاهه.
سؤال:
العماد عون
ضابط في الجيش
اللبناني، وسواء
كان قائداً
لهذا الجيش أو
لا، وتعرّضت
سوريا أو أي
بلد عربي
للخطر، هل
يشارك في
الدفاع عنه؟
العماد:
أشارك فيه
بغير تردد،
وقد طالما
أعطيت
التوجيه،
كقائد كتيبة،
وقائد لواء،
وقائد جيش في
ما بعد، على
الشكل التالي:
إذا اختلف
اللبنانيون
فيما بينهم
فأنا مع
المعتدى عليه
ضد المعتدي،
وإذا اختلف
لبنان مع
الآخرين فأنا
مع لبنان ضد
الآخرين،
وإذا وقع صراع
ما بين العرب وإسرائيل،
فنحن مع العرب
ضد إسرائيل. موقفي
واضح، ولكنني
لا أخلط بين
الموقفين،
ولا تعني
كلمات القربى
والجوار عندي
أكثر من حدودها،
ولا تتجاوز
الحدود.
سؤال:
هل يعتقد
العماد عون أن
السلام، إذا
ما تحقق سيعيد
لبنان كما
كان، أم هو
سيكون على
حسابه؟
العماد:
لا يمكن فصل
لبنان عن
المنطقة، عن
جواره وإخوانه،
لذلك أقول إنه
لا يمكن فصل
الإنسان اللبناني
عن الإنسان
العربي بعد
السلام، كما
لا يمكن فصله
عن جواره
الإسرائيلي.
بالطبع
سنواجه تحديات
شتى على مستوى
الشعوب،
وتحديات أخرى
على مستوى
الأفراد
والمؤسسات،
على أنني
أعتقد أن تحدى
السلام
الحقيقي هو في
أنه سيُسقط كل
الأنظمة
الحالية،
وسيكون لبنان
الذي نريد ونطمح
إلى بنائه،
النموذج
القادم
للأنظمة
الجديدة،
فلقد نما فيه
من قبل الفكر الديموقراطي،
وتجذّرت
الحرية ومعها
حق الاختلاف
عن الغير، ولو
نظرنا إلى ما
حولنا لهالنا
أن ما يحيط
بلبنان اليوم
لم يبلغ مرحلة
التقدّم التي
سبق إليها لبنان
بالممارسة،
قبل أن يجهضوا
تجربته ويسقطوا
حلم الديموقراطية
فيه.
أنهم
يتحدثون
كثيراً في
الغرب عن
الشرق الأوسط،
عن الحاجة إلى
الديموقراطية
فيه، وعن
مشكلة
الأقليات
والأكثرية،
ولكنني أرى أن
المشكلة هي
ذاتها
وواحدة، فلو
ساد احترام
حقوق إنسان في
المنطقة لنا
تحدّث أحد عن مشكلة
أقلية
وأكثرية. وقد أذهب
أكثر فأقول إن
الأكثرية
نفسها تفتقد
الحقوق
والحرية،
فكيف
بالأقلية
والأقليات.
ولنا
استعارة أخرى
مع موقف آخر.
5/1/2005