قبور وابار عنجر في صحف الأربعاء 7 كانون الأول 2005

 

اكتشاف جثث أطفال ونساء  في عنجر والقضاء يتحرك لرفع الدعاوى

 الحكومة اللبنانية تضع المقابر الجماعية على جداولها ومطالبات بمحاسبة لحود

 بيروت - »السياسة «:كشفت مصادر وزارية ل¯»السياسة« ان مجلس الوزراء سيثير خلال جلسته المقبلة قضية المقابر الجماعية التي وجدت في بلدة مجدل عنجر في البقاع وسيعمل على مناقشة هذه القضية مفصلا وايلائها الاهتمام اللازم لكشف كافة تفاصيلها, سيما البحث عن هويات الذين قتلوا ودفنوا فيها ومن هي الجهات التي قامت بهذه الجريمة. واشارت المصادر الى ان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يولي هذه القضية اهتماما خاصا, وهو على تشاور مستمر مع وزير الداخلية حسن السبع والمعنيين بالموضوع توصلا لمعرفة كافة التفاصيل المتعلقة بهذه الجرائم.  وفي هذا السياق وجه وزير العدل شارل رزق امس الى النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا كتابا طلب اليه فيه تحريك الدعوة العامة بخصوص المقابر الجماعية التي اكتشفت في مناطق مختلفة من لبنان يحوي بعضها رفات اطفال ورضع ونساء, من اجل اتخاذ كل ما يلزم من اجراءات او تحقيقات للكشف عن حقيقة هذه الجرائم وتحريك الدعوى العامة بخصوصها. وفي هذا الاطار اعتبر النائب جبران تويني ان المقبرة الجماعية في عنجر لا علاقة لها بالحرب اللبنانية, بل تتعلق بمركز امني سوري في منطقة امنية حساسة, مشيرا الى انه يجب اقامة لجنة تحقيق دولية لان الامر يتعلق بجرائم ضد الانسانية. وكان تويني زار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وعرض عليه مشروعا كان تكلم عنه خلال المعركة الانتخابية وهدفه انشاء نوع من حكومة ظل او حكومة استشارية, او مجلس استشاري الى جانب الحكومة, موضحا انها ستكون مؤلفة من الكفاءات الطلابية الموجودة في الجامعات وتستطيع ان تخرج باقتراحات تعرض على الحكومة.  واقترح تويني على الحكومة ان تستمع من خلال لجنة التحقيق الى من كان قائدا للجيش في ذلك الوقت اي الرئيس اميل لحود ونفهم منه كيف وصل هؤلاء العسكر الى هذا المكان وكيف دفنوا.

من جهته راى النائب روبير غانم ان حماية مقام الرئاسة الاولى لا تاتي من خلال ابقاء الرئيس في مركزه, وان الاهلية اهم من ارساء سابقة اسقاط الرئيس. واعتبر انه من المفروض على القضاء التحرك في موضوع المقابر الجماعية مطالبا بمحكمة مختلطة مكونة من قضاة لبنانيين واجانب وباشراف دولي وتكون مهمتها محصورة بموضوع اغتيال الرئيس الحريري لتبديد الهواجس عند بعض الاطراف.

وفي المواقف قالت النائبة بهية الحريري: اننا نعيش حاليا في اللحظة نفسها التي عشناها في العام 1989, ولكن لدينا اصرارا على عدم العودة الى الوراء.

وشددت الحريري على وحدة لبنان واستقراره والتمسك بوثيقة الوفاق الوطني اليوم اكثر من اي وقت مضى. واعتبرت ان معرفة الحقيقة هي هم وطني لاستعادة مناعتنا الامنية. من جهتها دعت منظمة العفو الدولية امس السلطات اللبنانية الى اتخاذ »الاجراءات الفورية اللازمة للتأكد من الحفاظ على كل الدلائل في مكان المقابر الجماعية ولتحديد هوية اصحاب الرفات لاحالة المسؤولين عن هذه الجرائم الى القضاء«

وانتقدت منظمة العفو الدولية الاساليب المستخدمة لنبش المقابر الجماعية وطالبت بان »تتم التحقيقات لاحقا بما يتوافق مع المعايير الدولية خصوصا معايير الامم المتحدة«. وكانت اعمال نبش المقابر الجماعية تمت بواسطة الجرافات وسط الجموع من السكان والصحافيين ما قد يؤدي الى اضاعة الدلائل الضرورية لجمع المعلومات عن اصحاب الجثث او عن قتلتهم. وقالت منظمة العفو الدولية في بيان »خلال الحرب حصلت خروقات واسعة جدا لحقوق الانسان شملت عمليات خطف واختفاء مدنيين لبنانيين وفلسطينيين واجانب من قبل مختلف الميليشيات ومن قبل القوات المسلحة السورية والاسرائيلية

 

اكتشاف جثث أطفال ونساء  في عنجر والقضاء يتحرك لرفع الدعاوى

 الحكومة اللبنانية تضع المقابر الجماعية على جداولها ومطالبات بمحاسبة لحود

 بيروت ¯ »السياسة« ¯ دمشق ¯ رويترز:قال رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة »ان المحقق العدلي القاضي ديتليف ميليس مشكور وهو يقوم بعمله منذ ستة اشهر«. واضاف : »لربما لا يقبل القاضي ميليس بتمديد مهمته, وهذا امر منوط به, ولكن سيصار الى تعيين بديل في مجلس الامن, وليس لنا دور في عملية الاختيار«. واشار السنيورة الى »ان ميليس سيمضي الفترة اللازمة مع البديل حتى ينقل إليه الخبرة«, نافيا »اي علاقة لموقف المحقق الدولي بقضية الشاهد السوري هسام هسام«. من جانبه قال المتحدث باسم ميليس ان الاخير سيتنحى قريبا عن رئاسة لجنة التحقيق لكنه سيبقى متاحا في حال احتاج التحقيق الى خدماته. وقال المتحدث الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان تاريخ تنحي ميليس لم يحدد بعد لكنه اضاف ان المحقق الالماني كان واضحا عندما وافق على المهمة بانه سيرأس التحقيق لمدة ستة او سبعة اشهر فقط. وتابع المتحدث عندما بدأ ميليس العمل قال انه سيلتزم بمهمته لمدة ستة او سبعة اشهر ومن ثم فقد شارفت مدة عمله على الانتهاء." واضاف "سيكون متاحا بالتأكيد اذا احتاجه التحقيق ولكن ليس بصورة كاملة«.

الى ذلك قالت مصادر ديبلوماسية إن مسؤولين سوريين عادا الى دمشق امس عقب استجوابهما من قبل محققين تابعين للامم المتحدة في فيينا فيما يتعلق بواقعة اغتيال الحريري. وكان محققو الامم المتحدة قد استجوبوا العميد رستم غزالي رئيس جهاز الامن والاستطلاع السابق في لبنان ومساعده جامع جامع في اطار التحقيق الذي تجريه الامم المتحدة في واقعة اغتيال الحريري في بيروت في فبراير الماضي.

وقال الديبلوماسيون ان من المقرر استجواب ثلاثة سوريين اخرين وهم اللواء ظافر يوسف واللواء عبد الكريم عباس ومسؤول مدني ومن المقرر ان يعودوا بعد ذلك الى دمشق اليوم. وسورية التي تنفي أي دور لها في مقتل الحريري وافقت على أن يستجوب المحققون المسؤولين السوريين الخمسة في مكاتب الامم المتحدة في فيينا بعد الحصول على ضمانات من روسيا العضو الدائم بمجلس الامن بأنه سيمكنهم العودة الى دمشق بعد ذلك.

وأبلغ الرئيس السوري بشار الاسد محطة تلفزيون (فرانس 3) انه لا يساوره شك في انه ستثبت براءة سورية من الضلوع في مقتل الحريري.

من جهة ثانية ارسلت وزارة الخارجية والمغتربين مذكرة امس الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان عبر بعثة لبنان الدائمة لدى المنظمة الدولية تطلب فيه تجديد مهمة لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري مدة 6 اشهر اعتبارا من 15 ديسمبر الجاري, املة في تجاوب مجلس الامن مع رغبة لبنان هذه توصلا الى كشف الحقيقة كاملة ازاء جريمة الاغتيال, وذلك عملا بقرار مجلس الوزراء في جلسته الخميس الماضي.

وطلب لبنان من عنان توزيع نص المذكرة على اعضاء مجلس الامن الذي يعود اليه امر البت في قضية التمديد للجنة تقديم رئيسها ديتليف ميليس لتقريره الجديد. في غضون ذلك توقفت كتلة تيار المستقبل التي يرأسها النائب سعد الحريري امام الضجة التي اثيرت حول موضوع تشكيل محاكمة دولية لمحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري, مشيرة الى اهمية تشكيل هذه المحكمة على النحو الذي سبق ان شرحته في المذكرة التي رفعتها الى سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي وسفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة.

واكدت الكتلة في بيان لها ان المحاكمة الدولية هي حاجة لبنانية عامة وليست مجرد طلب فئة لبنانية دون اخرى.. مشددة على التمسك بالمحاكمة الدولية ورفض الابتزاز السياسي لتعطيل الكشف عن الحقيقة ومعاقبة المجرمين الذين ارتكبوا الجريمة. وشددت على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية والوفاق الوطني وصيغة العيش المشترك.. محذرة من اصابع الفتنة التي تحاول العبث بهذه الثوابت الوطنية باثارة النعرات الطائفية او المذهبية بهدف تضليل التحقيق وصرف الانتباه عن اهمية ما توصل اليه حتى الان

 

أسماء وحالات في لائحة طويلة تسقط مقولة "الحرب الأهلية"

كتب بيار عطاالله: النهار 7/12/2005

بررت السلطات السورية اكتشاف المقابر الجماعية قرب مقر قيادتها السابق في عنجر، بانه من بقايا "الحرب الاهلية" في لبنان وساندها في هذا الرأي بعض من ارادوا طمس هذه القضية او التعتيم عليها لغاية في انفسهم. لكن هذه التبريرات تنقضها المعطيات الآتية:

اولا – بدأت القوات السورية حملات الاعتقال الاعتباطي والقسري من لحظة دخولها الى لبنان. وما اقرار الطبيب الشرعي المكلف من النيابة العامة فؤاد ايوب ان بعض اصحاب الهياكل المنتشلة من المقبرة الجماعية في عنجر وافته المنية منذ اكثر من 20 عاما، الا تأكيد لصحة كل الكلام الذي اعلنته منظمات حقوق الانسان المحلية والعالمية عن اعتقال الاستخبارات السورية لبنانيين منذ منتصف السبعينات، وتحديدا منذ سنة 1976.

وفي لائحة المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية اكثر من لبناني ولبنانية اعتقلوا منذ اكثر من عشرين سنة واشهرهم، او بالاحرى اكثر الملفات اثارة للانتباه ملف علي موسى عبدالله من مواليد عيترون 1959 الذي خطفته الاستخبارات السورية من احضان عائلته في منطقة الكولا عام 1981. وعندما ذهبت عائلته للسؤال عنه في المركز السوري القريب من الكولا اخذ علي يصرخ من داخل الزنزانة: "انا هنا انقذوني لا تتركوني". وبعد ذلك بساعات اختفت آثار علي وتبين لعائلته بعد المتابعة انه اصبح في المعتقلات السورية.

وايضا على لائحة المعتقلين منذ عشرين سنة جوزف داود عون من صغبين، الذي تتبنى منظمة العفو الدولية قضيته "نموذجا" للاعتقالات الاعتباطية التي نفذتها الاستخبارات السورية في لبنان. فقد خطف مسلحون موالون لسوريا هذا المواطن بتهمة الانتماء الى "القوات اللبنانية" في منطقة بر الياس في البقاع بتاريخ 2 حزيران 1982، ليتبين لاحقا انه سلم الى الاستخبارات السورية التي نقلته الى معتقل عنجر وسلك طريق العذاب منها الى داخل السجون السورية. وفي لائحة المعتقلين منذ عام 1977 عدد كبير من اللبنانيين.

ثانيا – لم تقتصر عملية الاعتقالات الاعتباطية والخطف والاخفاء القسري على اجهزة الاستخبارات السورية، بل ان القوات السورية النظامية متورطة هي الاخرى في هذه العمليات، ومنها مثلا قضية طانيوس ابرهيم الطيار الذي خطفته القوات الخاصة السورية عند حاجزها في منطقة الشيفروليه في 27 ايار 1978 خلال المواجهات بين "القوات اللبنانية" والجيش من جهة، والجيش السوري من جهة اخرى، في "حرب المئة يوم". وثمة حالة اخرى هي قضية بشارة طانيوس رومية، من مواليد بلدة رياق الذي اختطفته ايضا القوات الخاصة السورية في البقاع بتاريخ 14 آذار 1978 بتهمة الانتماء الى حزب الوطنيين الاحرار وقوات "النمور" التي كانت تابعة له.

ثالثا – اعتمد النظام الامني السوري في لبنان ما يسمى في البنى العسكرية نظام "المحكمة الميدانية" التي كانت تتبع قيادة الفرقة الثالثة في الجيش السوري وهي الفرقة التي كانت تسيطر على لبنان، استنادا الى المعتقلين المفرج عنهم والذين حوكموا امامها ومنهم الرائد في الجيش كيتل الحايك. ويذكر ان هناك مجموعة محاكم خاصة كانت تتبع فروع التحقيق العسكري السورية او "فرع فلسطين" الذي كان يتولى الكثير من الشؤون الامنية في لبنان. وينقل العارفون بتركيبة الشؤون العسكرية ان المحكمة الميدانية غالبا ما تتخذ قرارات عاجلة وتنفذها سريعا من دون اي مراجعة او قبول وطعن.

رابعاً - الجثث التي اكتشفت في مقابر عنجر ليست الاولى. فقد سبق ان قضى كثر من اللبنانيين في المعتقلات السورية، ومنهم خالد عز الدين العس الذي عاد جثة من سوريا. وجوزف امين حويس من مواليد 1960 في بولونيا الذي اعتقل في الثاني من حزيران 1992 وحوكم امام محكمة ميدانية خاصة بالاشغال الشاقة، لكنه قضى في المعتقل السوري حديثاً في 20/6/2005 واعيد جثة الى لبنان. وهناك ضحية ثالثة هي عادل خلف عجوري الذي قضى ايضاً تحت التعذيب. وكان خطف عند حاجز للجيش السوري على طريق المطار في الخامس من ايار 1990 واستطاع عبور معتقل عنجر الى المعتقلات السورية ولم يسقط صريعاً بين يدي "النبي" يوسف العابد، وبقي سجيناً سنتين في سجن تدمر من دون ان يعرف اهله بمكانه الى حين نقله الى سجن صيدنايا حيث توفي في 22 ايلول 1999.

وفي 22 تشرين الاول 1999 تلقت عائلة عجوري اتصالاً من ادارة معتقل صيدنايا افادت فيه انه توفي. ونقلت جثته في اليوم عينه الى لبنان بواسطة سيارة اسعاف تابعة لمعتقل صيدنايا ووضعت الجثة في مستشفى الحايك وتسلمها ذوو عجوري في الليلة نفسها وجرت مراسم الدفن في اليوم التالي في حضور زوجة عجوري واطفاله الثلاثة وعيون النظام الامني السوري – اللبناني المشترك.

خامساً - لم تتلق عائلات المعتقلين يوماً اشعاراً من السلطات السورية يفيد عن مكان اعتقال احبائها والتهم المنسوبة اليهم والذريعة القانونية التي اجازت للاجهزة السورية اختطافهم من الاراضي اللبنانية. كما رفضت القيادة السورية دائماً الرد على استفسارات اهالي المعتقلين، وايضاً على رسائل منظمات حقوق الانسان المحلية والعالمية. ولم يكن هذا الرفض مبرراً بتجاهل المسألة فحسب، بل ان القيادة السورية ادركت سلفاً ان اي تعاط او ادنى اعتراف بملف المعتقلين اللبنانيين لدى الاجهزة السورية، واي وثيقة قد تشكل لاحقاً مستنداً يستخدم ضد هذه القيادة في اي عملية محاسبة قانونية، وخصوصاً ان التراتبية العسكرية ترتب مسؤولية على القيادة السياسية تماما كما حصل في قضية الرئيس الصربي المخلوع ميلوسيفيتش.

 

مقبرتا اليرزة وعنجر فتحتا قضية المفقودين على مصراعيها

المدافن الجماعية تتوزع في كل لبنان والمطلوب نبشها ولجنة تحقيق

كتبت مي عبود ابي عقل : النهار 7/12/2005

"ذاب الثلج وبان المرج". رحيل القوات السورية عن لبنان فتح المجال لكسر الصمت الرهيب الذي كان يجثم ثقيلا على قلوب شهود عيان ارتضوه كي لا يتحولوا هم ايضا امواتا، واكد المعلومات  وجود مقابر جماعية في انحاء عدة في لبنان. اليرزة  وعنجر هما البداية، لكن قائمة المدافن الجماعية والفردية في مناطق اخرى طويلة وغير معروفة نهايتها. لا يغيب عن بال اللبيب التوقيت المريب لنبش مقبرة عنجر على الرغم من توافر المعلومات عنها للمسؤولين الكبار في الحكومة منذ ستة اشهر واعطائهم التعليمات لمن اخبروهم  بضرورة "كتم المعلومات موقتا الى حين حلول الوقت المناسب" على ما اجمع عليه اهالي المنطقة.

اما بالنسبة الى عائلات المفقودين والمخطوفين مما يهمهم  هو اكل العنب وليس قتل الناطور. اراد البعض تسييس الموضوع او استخدامه لغايات ومصالح شخصية محددة،  هو آخر همومهم. المهم بالنسبة اليهم ان الموضوع فتح في النهاية على مصراعيه، وتجب معالجته نهائيا وبكل جوانبه وتشعباته اللبنانية والاقليمية، وكشف  مصير ابنائهم وازواجهم احياء كانوا او امواتا، وقرار المسامحة والعفو هو في يدهم، ولا يعترفون بقانون العفو الذي اباحه مسؤولو اليوم زعماء ميليشيات الخطف بالامس، لان الخطف جريمة متمادية لا يشملها العفو بحسب القوانين الدولية. وعلى الدولة اللبنانية بكل سلطاتها التنفيذية والنيابية والقضائية  تحمل مسؤولياتها كاملة، لان الاهالي  ومن يدعمهم من هيئات المجتمع الدولي وجمعيات حقوق الانسان المحلية والعالمية، لن يسكتوا بعد الآن ولن يجرجروا مأساتهم الى ما لا نهاية كرمى لاحد.

مدافن التقرير

الفصل بين ملفي المجازر الجماعية والمفقودين اللبنانيين اصبح صعبا، خصوصا في ضوء المعلومات التي كشفها الاطباء الشرعيون الذين عاينوا رميم العظام  في عنجر واعربوا عن اعتقادهم انها تعود الى السنوات الممتدة بين 1984 و1990، وهي الفترة الذهبية لاعمال الخطف خلال الحرب اللبنانية. لكنهما لا يتعارضان  طبعا مع ملف المعتقلين في السجون السورية وضرورة متابعة الملف الى النهاية. مع الاشارة الى  ان العديد من الملفات المقدمة منذ بدء اعتصام اهالي المعتقلين في ايار الفائت  قبالة مبنى  بيت الامم المتحدة في وسط بيروت، تتعلق باشخاص خطفوا على حواجز في لبنان  وفقد الاهالي اثرهم وباتت لديهم شكوك في امكان وجودهم في سوريا.

نبش المدافن في اليرزة وعنجر والضجة الكبيرة التي اثارها، أعاد  فتح  باب قضية المخطوفين والمفقودين على مصراعيه، وأيقن الاهالي ان الفرصة اصبحت اليوم سانحة للدخول على خط الدولة اللبنانية والنفاذ الى المسؤولين، خصوصا ان الرئيس فؤاد السنيورة لم يحدد حتى اليوم موعدا للقاء " لجنة  اهالي المخطوفين والمفقودين " بعكس " لجنة اهالي المعتقلين في السجون السورية ".

وتجدر الاشارة الى ان ذكر هذه الجرائم ضد الانسانية ليس الاول من نوعه في لبنان وخصوصا على الصعيد الرسمي. فقد سبق ان وردت عبارة مقابر جماعية في التقرير الذي صدر في 25 تموز 2000 ووضعته " لجنة التحقيق للاستقصاء عن مصير جميع المخطوفين والمفقودين " التي شكلها رئيس الحكومة في حينه سليم الحص برئاسة العميد الركن سليم ابو اسماعيل، وجاء حرفيا في الفقرة  الثالثة من بند "الاستنتاج" : "حيث ان كل التنظيمات والميليشيات المسلحة قامت بعمليات تصفية جسدية متبادلة خلال فترة الاحداث، وقد ألقيت الجثث في اماكن مختلفة من بيروت وجبل لبنان والشمال والبقاع، وتم دفن البعض منها في مقابر جماعية موجودة داخل مدافن الشهداء في منطقة حرج بيروت ومدافن مار متر في الاشرفية ومدافن الانكليز في التحويطة، كما تم القاء البعض منها في البحر(...)".

وفي حديث الى " النهار " نشر في 3 آب 2000 اكد العميد ابو اسماعيل "اكتشاف  مدافن جماعية في عدد من المناطق اللبنانية مثل مدافن التحويطة ومار نوهرا ومار متر وجبانة الشهداء وفي منطقة المرامل والحرج والكرنتينا حيث عمد اصحاب احد العقارات الذين كانوا ينوون انشاء مبنى هناك الى نقل الجثث بالشاحنات ورميها في وادي الجماجم. وكان بعضها يرمى في الآبار، كما وجدت بعض الجثث المتفرقة ملقاة هنا وهناك في الجبال والحقول. الى مقابر جماعية في المناطق التي شهدت حروبا ونزاعات مثل سوق الغرب والشوف وتل الزعتر (...)". كما لفت الى ان " هناك بعض المدافن الجماعية التي يعرف القيمون عليها اسماء الاشخاص الذين دفنوا فيها (...)". وعرض علينا في حينه صورا لعظام ومقبرة جماعية تحاشت " النهار " نشرها احتراما للموتى والشهداء.

لجنة مختلطة

اذاً، اذا كانت الحكومة اللبنانية ولا سيما الرئيس فؤاد السنيورة ينوي حقا  "متابعة قضية المقابر الجماعية الى النهاية " على ما صرح به عقب لقائه النائب العماد ميشال عون اول من امس، فقد اصبحت لديه مادة مهمة للانطلاق في اعمال الاستقصاء والاستكشاف "، اضافة الى ضرورة انشاء لجنة خاصة من قضاة ومحققين غير مرتهنين لاحزاب شاركت في الحرب مطعمة بمحققين دوليين او مندوبين عن المنظمات الحقوقية والانسانية الدولية ( لان التجارب علمتنا ان الدولة لن تطلب لجنة دولية صرفة )، تتولى اجراء  تحقيقات مع العناصر التي كانت موجودة على الحواجز ونفذت اعمال الخطف وتكشف عن اماكن اخفاء ضحاياها الابرياء او الجهات التي سلموا اليها في سوريا او اسرائيل او اي بلد آخر.

بهذه الطريقة فقط يقفل ملف المفقودين في لبنان، والحديث عن نكء جروح الماضي واستعادة الحرب هو كلام في الهواء وادعاء يلجأ اليه المتقاعسون عن اداء أهم واجباتهم ومسؤولياتهم القانونية والانسانية، تجاه امهات عصر الالم قلوبهم الدامية وحرقت الدموع عيونهن حتى اعمتها، وما لايقل عن 17000 عائلة لم يزر العيد بيوتها ولم يقرع الفرح ابوابها منذ عقود. والحقيقة الاكيدة، مهما تكن جارحة ومرة،  هي السبيل الوحيد الى راحة الضمير وهدوء البال.  

 

مزيد من المطالبات بتحقيق شامل في المقابر الجماعية قرب المراكز السورية

النهار 7/12/2005: صدر امس مزيد من ردود الفعل المطالبة بتحقيق شامل في قضية المقابر الجماعية في عنجر.

النائب جواد بولس طالب "باتخاذ اجراءات علمية معتمدة عالميا من الناحية التقنية لجهة البحث الجنائي والشرعي واعتماد الآليات والمعايير العالمية، بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الاحمر والشرطة الدولية، في نبش المقابر على اسس سليمة، من اجل توثيق كل المعطيات، بغية تكوين ملف قضائي متكامل يؤسس لمحاكمة المسؤولين عن هذه المجازر الفظيعة". واذ شدد على ضرورة "حماية مواقع المقابر"، دعا الى "التعجيل في التحاليل العلمية لتحديد هويات الضحايا والاستعانة بالخبرات الدولية حيث تعجز الخبرات المحلية". كذلك، طالب "باجراء تحقيق كامل حول المجازر الجماعية المرتكبة واحالة القضية على القضاء اللبناني ليصار الى محاكمة المجرمين".

عضو كتلة "تيار المستقبل" النيابية النائب جمال الجراح شدد على "ضرورة استكمال البحث في كل المواقع المشتبه فيها، لان ما شهدناه في عنجر يعتبر كارثة انسانية كبيرة وجريمة بشعة ارتكبت في حق الشعب اللبناني، ويجب معاقبة كل من شارك فيها". ورفض "ما اعلنته السلطات السورية ان المقابر المكتشفة هي نتيجة الحرب اللبنانية ونتيجة اشتباكات بين هذا الفريق او ذاك، لان المواقع المكتشفة في عنجر عنوانها وموقعها واضحان".

"حركة التجدد الديموقراطي" اصدرت بيانا عقب اجتماع للجنتها التنفيذية برئاسة النائب السابق نسيب لحود، قالت فيه: اولا – تلقى اللبنانيون بمزيج من الغضب والذهول نبأ اكتشاف عدد من المقابر الجماعية قرب المواقع التي كانت تشغلها المخابرات السورية في فترة وجودها في لبنان. ان هذا التطور المأسوي يعيد تسليط الضوء على أحد ابرز وابشع مظاهر جرائم الحرب التي شهدها لبنان، ويفضح ما تعرض له آلاف الافراد من خطف وتوقيف واخفاء قسري وتكتم على المصير، كما يعيد التذكير بالمأساة الانسانية المتواصلة التي يعيشها ذوو هؤلاء الضحايا الى اي جهة انتموا. ان هذه الواقعة تؤكد ضرورة المضي قدما في اجراء تحقيق شامل وشفاف يلقي الضوء كاملا على موضوع هذه المقابر وغيرها التي قد تكون موجودة في مناطق اخرى. كما انها تقضي بمطالبة سوريا بتقديم كشف كامل باللبنانيين الذين ما زالوا معتقلين لديها، والمعلومات الكاملة عن مصير كل من تعرض للتوقيف على يد قواتها او استخباراتها سواء في لبنان او في سوريا. ان جلاء الحقيقة في هذه القضايا التي تطاول آلاف العائلات اللبنانية، ليس واجبا تجاه الضحايا واسرهم فحسب بل هو شرط من شروط تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية وبنائها على قواعد الحقيقة والعدالة والندية.

ثانيا – ان حجم الملف المتعلق باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وطبيعته التي تتجاوز الحدود والقدرات اللبنانية، والشبهات التي تطال اشخاصا غير لبنانيين يتبوأون مسؤوليات رفيعة، تحتم عاجلا ام آجلا، اللجوء الى شكل من اشكال المساهمة الدولية الجوهرية في محاكمة من سوف توجه اليهم التهم في هذه الجريمة الكبرى، سواء عبر محكمة دولية او غيرها من الاطر الشبيهة. واذا كانت لدى بعض الاطراف اللبنانيين تحفظات وهواجس ومخاوف من ان تتناول اعمال مثل هذه المحكمة ملفات واستهدافات اخرى، فإننا نرى ان هذه الهواجس هي في غير محلها لأن ثمة اجماع لبناني على حصر اعمال اي مساهمة دولية بقضية اغتيال الرئيس الحريري فقط، ولأن ما من جهة لبنانية ترضى باستفراد جهة لبنانية اخرى او بالاعتداء عليها من الخارج مهما كانت الذرائع.

ثالثا – مع استمرار محاولات عرقلة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، تشيد حركة التجدد الديموقراطي بالجهود المضنية التي قام بها القاضي ديتليف ميليس وفريق عمله وبالتقدم الذي احرز في هذه الفترة القصيرة نسبياً، وتضم صوتها الى غالبية اللبنانيين بالتمني على القاضي ميليس الاستمرار في مهمته حتى انتهاء التحقيق في هذه القضية الكبرى".

"الحركة الثقافية – انطلياس" طالبت "الحكومة والمجتمع الدولي بوضع اليد على هذه القضية الخطيرة، واعتبار انها لا تقل اهمية عن قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه". وطلبت من الحكومة "دعوة مجلس الامن الى التحقيق في هذه الجريمة والمطالبة بانشاء محكمة دولية لمحاكمة المجرمين المسؤولين عنها".

واستنكرت "ضعف اداء الحكومة في مواكبة تحرك اهالي المفقودين والمخطوفين في السجون السورية والاسرائيلية"، متمنية على "الهيئات الانسانية الدولية ومنظمات المجتمع المدني التحرك من اجل تطبيق الاتفاقات الدولية في هذا المجال".

مفوضية العدل والتشريع في الحزب التقدمي الاشتراكي  أهابت "بالاجهزة القضائية التحرك فورا عبر تشكيل لجنة تحقيق خاصة تتولى التحقيق ومتابعته الى آخر درجاته من اجل كشف الجناة وسوقهم الى العدالة في اسرع وقت ممكن ومن دون ابطاء". واذ دعت القضاء الى "اصدار احكامه وتطبيق القانون بشدة بحق من تثبت ادانته بهذا الفعل الجرمي"، تمنت على "كل المنظمات والهيئات المحلية والدولية التي تعنى بحقوق الانسان التصدي لهذا الحدث، كونه يندرج في اطار الجرائم ضد الانسانية".

استغرب عضو مجلس بلدية زحلة – معلقة المحامي توفيق رشيد الهندي التناقض بين التصريحات التي تؤكد ان أعمال نبش المقبرة الجماعية في عنجر "جرت بتأن واحتراف، والمشاهد الحية التي تدل على سوء ادارة هذا الموقع الذي نبش في ساعات بينما يحتاج فعلياً الى اكثر من شهر". وقال: "ان المسألة ذات انعكاسات خطيرة وتستوجب اتخاذ اجراءات استباقية حكيمة، ويقتضي التعامل معها بكل جدية واحتراف تحفظ الأدلة المتوافرة التي تنير التحقيقات".

رئيس "مركز بيروت الوطن للتنمية الحضرية" زهير الخطيب طالب "السلطات بتوسيع رقعة عملها في حفر المدافن، لتشمل مختلف المناطق"، معتبرا ان "الهدف يجب الا يكون فتح سجلات الماضي للثأر من فاعليها، بل لكشف حقيقة المفقودين".  

هيئة المتابعة لمنبر الوحدة الوطنية "القوة الثالثة" قالت في بيان ان "هذا المشهد المريع أعاد الى ذاكرة اللبنانيين فظائع الحرب القذرة التي كانت وستبقى، وصمة عار على جبين قادة الميليشيات المتقاتلة، كما على جبين اجهزة المخابرات المحلية والخارجية التي كان لها دور في الحرب القذرة. والمقبرة المكتشفة اخيراً لم تكن الاولى المكتشفة، وقد لا تكون الاخيرة. واذا كانت تلك الحقبة المشؤومة قد طواها قضائياً قانون صدر عن مجلس النواب بالعفو العام، فإن فظائع تلك الحقبة لا يمكن ان تمحى من ذاكرة التاريخ. واذا كنا لا نتجرأ على اظهار حقائق تلك الحقبة على بشاعتها، فإنه سيكون متعذراً كتابة تاريخ موحد لهذا البلد، فكيف سيكون من الممكن تنمية روح المواطنة الحقة في لبنان من غير تاريخ موحد؟ وكيف يكون وطن في غير كنف مفهوم واضح ومتكامل للمواطنة بين الناس؟".

 

حقوق الانسان استنكرت المقابر الجماعية وطالبت بالتعاون "بآليات واطر شفافة"

النهار 7/12/2005

تابعت لجنة حقوق الانسان في جلسة في مجلس النواب امس برئاسة النائب ميشال موسى، مناقشة آلية التحضير لاطلاق ورشة الخطة الوطنية لحقوق الانسان المقرر عقدها العاشرة قبل ظهر السبت المقبل. ثم توقفت عند موضوع نبش المقبرة الجماعية في منطقة عنجر، فاستنكرت "هذه الجريمة البشعة التي تعتبر انتهاكا لحقوق الانسان والحق الانساني"، وطالبت السلطتين التنفيذية والقضائية "بالتحرك وفق الاصول العلمية والتقنية المفروضة للتعامل بمثل هذه الحالات، وخصوصا عدم استخدام الآليات الثقيلة لانتشال الرفات والتعاون في هذا المجال "وفق أطر شفافة"، على ما  ورد في بيان صدر عن اللجنة التي دعت الى الاستمرار في عملية التحقيق حتى جلاء الحقيقة في هذا الموضوع وقررت متابعته.

 

حوار بدون تخوين مع "حزب اللـه"

بقلم المحامي عبد الحميد الاحدب النهار 7/12/2005

في خطابه الاخير قال السيد حسن نصرالله:... من يريد ان يناقشنا سنتواضع له ونقول هذا حقك الطبيعي ان تخالفنا وتناقشنا وتحاورنا وان يكون لك تقويمك المختلف، اما الذي يريد ان يتهمنا فنسأله من انت؟ ما تاريخك قبل عام 1982 وما تاريخك بعده؟ ونحن نريد حوارا من "حزب الله" بدون اتهامات وبدون تخوين، ولكن مع ملاحظات قاسية ونريده حوارا صريحا الى آخر حد، وفي إطار رفض التخوين، فقد آن الاوان للدخول في حوار صريح مع "حزب الله" بعد 14 آذار وجاء الوقت الذي نقول فيه لسماحة السيد حسن نصرالله من نحن؟ نحن المعترضين على سياسته بعد عام 2000. لنذكر السيد حسن نصرالله وهو سيد المقاومين بالأمس، نذكره بقول الامام علي حين احتجت قريش بأنها شجرة الرسول،  فقال الامام علي بن ابي طالب: "احتجوا بالشجرة واضاعوا الثمرة!". نحن الذين يعتبرون ان "حزب الله" هو دولة داخل الدولة، في وقت تنصب كل سواعد اللبنانيين على بناء دولتهم التي اثخنتها جراح الاحتلال السوري طوال ثلاثين عاما!

نحن الذين يعتبرون ان العمليات الرامية الى اشعال الحدود مع اسرائيل ثم الحرب  معها، والتي يقوم بها "حزب الله"، ولاسيما تلك التي قام بها منذ ايام، لا تصب في خانة الاستشهاد، ولا في خانة تحرير فلسطين، بل في خانة خدمة النظام الاستبدادي البعثي السوري المنتمي الى عصر ما قبل سقوط حائط برلين والنظام الاسلامي الايراني المنتمي الى عصر ما قبل الاسلام، فتحرير فلسطين يقوم به العرب كلهم متضامنين ولا يقوم به لبنان وحده او "حزب الله" وحده! في الوقت الراهن فأن العرب ليسوا في وارد تحرير فلسطين، ولا الفلسطينيون في هذا الوارد، العرب منهم من صالح واعلن، ومنهم من صالح ولم يعلن، ولا يتم تحرير فلسطين في هذه الاجواء... ومزارع شبعا مسألة حدود! لو اعلنت سوريا انها لبنانية، ليس في الاذاعات بل في ترسيم الحدود، لكانت الامم المتحدة كفيلة بسحب اسرائيل منها، اما ترك مزارع شبعا في منزلة بين المنزلتين، فليس فيه من التحرير شيء، ولا من شرف الاستشهاد شرف! فيه خدمة لمصالح سياسية بعثية سورية وايرانية.

من نحن يسألنا السيد حسن نصرالله؟

فنجيبه نحن شعب 14 آذار الذي يعد اكثر من 80% من الشعب اللبناني، الذي نزل الى الشارع حين وقف سماحة السيد حسن نصرالله يقول في 8 آذار في تظاهرة ضمت اقل من 20% من اللبنانيين (وبينهم سوريون وفلسطينيون مقيمون في لبنان)، حين قال السيد حسن نصرالله ان "حزب الله" هو حارس المصالح السورية في لبنان، ولم يكن  قوله متفقا مع قول الامام علي بن ابي طالب حين قال: "زنوا انفسكم قبل ان توزنوا... حاسبوها من قبل ان تحاسبوا".

من نحن يسألنا السيد حسن نصرالله؟

فنجيبه، نحن  الذين قتل اولادنا لأننا حملنا مشعل الحرية والسيادة والاستقلال عام 1975 وهي الشعارات التي عاد فرددها شعب لبنان العظيم في 14 آذار سنة 2005.

نحن الشعب الابي، شعب لبنان العظيم الذي ولدت العروبة في جامعاته، وسقط حلف بغداد في تظاهراته، الذي ادار الصحف العربية في البلاد العربية والعالم، وكان منبع الثقافة والفنون العربية، نحن الشعب الذي لحن اجمل الاغاني لعالمه العربي، ونشر له كل الكتب العربية التي قرأها وكتبها عظماء الادب والفكر العربي، نحن الذين اداروا المصارف العربية، نحن الذين اداروا الفنادق العربية، نحن الذين ترجموا الى العربية كل فلاسفة العالم وادبائه، نحن من قال عنا الامام علي بن ابي طالب "فانه ربيع القلوب، استشفوا بنوره فانه شفاء الصدور". نحن الذين تشهد آثارنا علينا في الحضارة والتقدم والرقي والحرية وكرامة الانسان! نحن على خطى الامام العظيم حسن الامين الذي قال لـ"حزب الله" ان تحرير الارض قد انتهى وبه انتهى الجهاد الاصغر  فتعالوا الى الجهاد الاكبر الذي هو بناء لبنان. من نحن يسألنا السيد حسن نصرالله؟ فنجيبه نحن ابناء عروبة الاستقلال الذين لا يريدون استقلالا بلا عروبة نحن من طينة رفيق الحريري الذي قال عنه بالامس كبير مفكري العروبة منح الصلح: لو اراد عروبة بلا استقلال او استقلالا بلا عروبة لكان ما زال حياً بيننا اليوم.

يا سماحة السيد حسن نصرالله يا إمامنا، لماذا لا تواكبون العصر والحياة، لقد كانت العروبة هي الوحدة، ولكنها جاءت وحدة بلا حرية فماتت الوحدة، لأنها لم تراع خصوصيات الشعوب العربية، عروبة اليوم عروبتنا هي عروبة الاستقلال التي فيها مكان واحترام لكل ذاتية عربية،  ونحن لا نريد استقلالا بلا عروبة. لقد كفر العرب بعروبتهم لأنها كانت عروبة استبداد ولم تكن عروبة استقلال ولا عروبة حرية ولا عروبة كرامة للانسان. اما آن اوان مراجعة الذات. نحن ابناء عروبة الحرية يا صاحب السماحة نرفض عروبة الاستبداد التي اذلّت كل الشعوب العربية باسم تحرير فلسطين!

نحن ابناء عروبة الاستقلال الذين يرفضون الاحتلال البعثي الاستبدادي السوري وتدخله في شؤونهم وفي ذاتيتهم وقتله لرجالهم، ويرفضون فرض السياسة الايرانية على المصالح اللبنانية. منذ 14 آذار وكل واحد في لبنان يريد ان يداوي "بحزب الله" و"حزب الله" هو داؤه. انتهى الجهاد الأصغر  يا سماحة السيّد يوم تحرير الارض عام 2000، فتعالوا الى كلمة سواء بيننا! تعالوا الى الجهاد الاكبر في بناء وطنكم لبنان مع كل السواعد التي تبني دولته. كل اللبنانيين يرفضون العودة الى حرب الخمسة عشر عاما ويرفضون قبول الاحتلال الذي استمر خمسة عشر عاما من حلفائكم السوريين! وكل اللبنانيين ما زالوا يقولون "لا" للحرب، ولكل من يزرع الفتن باسم تحرير فلسطين.

اللبنانيون يرفضون التخوين باسم تحرير فلسطين. من نحن تسألوننا يا صاحب السماحة؟ نحن لا نريد الفرقة بل نحن نريد الاهواء مؤتلفة  والقلوب معتدلة والعزائم  واحدة. لا نريد ان نعود  فنتفرق وتتشتت الفتنا! خلال خمسة عشر عاما من سنوات الحرب لم يبق بيت في لبنان لم تدخل اليه الحرب! تعالوا الى قول الامام علي بن ابي طالب: "فانظر كيف كانوا حيث كانت الاهواء مؤتلفة  والقلوب معتدلة والايدي مترادفة والسيوف متناصرة والبصائر نافذة والعزائم  واحدة. وانظر الى ما صاروا اليه في آخر امورهم حين وقعت الفرقة وتشتتت الالفة واختلفت الكلمة والافئدة.  وتشعبوا مختلفين وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته وسلبهم غضارة نعمته".

 

 

 

هاشم: مقبرة عنجر مدفن لعشيرتي الفضل والحروق

الأربعاء, 07 ديسمبر, 2005 -البلد

تواصل،امس، صدور ردود الفعل على اكتشاف المقابر الجماعية في عنجر ، والداعية المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية الى تحمل مسؤولياتهما واجراء التحقيقات اللازمة لمحاسبة المجرمين ومحاكمتهم.

وفي هذا الاطار، اعتبر النائب قاسم هاشم ان "تلة النبي العزير ومحيطها كانا بمثابة مدفن منذ ما قبل عام 1940 لعشيرتي الفضل والحروق وأهالي مجدل عنجر الذين كانوا يدفنون موتاهم في تلك المنطقة وبفترات زمنية متفاوتة، وهناك أكثر من 35 جثة مدفونة لعشيرة الفضل ورقم سجلهم 212 مجدل عنجر"، مستغربا "تحرك الدماء الوطنية والإنسانية عند البعض من ضمن سمفونية إعلامية أصبحت معروفة الأهداف والغايات".

وطالب السلطات المختصة "بالإسراع في إجراء فحص الـ DNA على العظام المستخرجة ومقارنتها مع أقرباء الأموات المدفونين هناك من عشيرتي الفضل والحروق واهالي مجدل عنجر، أو مقارنتها مع أهالي المفقودين لتكون الحقيقة واضحة بعيدا عن استثمار أو استغلال حتى العظام، والمتاجرة بها بعد أن تاجر البعض بالدماء للمصالح والغايات".

وحث النائب جواد بولس "المعنيين والجهات الامنية على حماية مواقع المقابر المكتشفة بما يؤمن سلامة الاجراءات المتخذة وسلامة التحقيق"، مطالبا بالاسراع في " التحاليل العلمية لتحديد هويات الضحايا، واجراء تحقيق كامل حول المجازر الجماعية المرتكبة واحالة القضية على القضاء اللبناني المختص".

ودعا عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته تجاه هذه الفظائع وتجاه الشعب اللبناني واتخاذ ما يفرضه القانون الدولي والانساني من اجراءات في هذا السبيل"، مستنكرا التبريرات السورية.

واشار الى ان "رئيس الجمهورية مسؤول معنوياًُ وسياسيا تجاه الشعب اللبناني عموماً واهل الضحايا خصوصاً".

كذلك، رأى رئيس مركز بيروت للتنمية زهير الخطيب ان "الفرصة سانحة اليوم لاقفال ملف مفقودي الحرب اللبنانية"، مطالبا "الجهات القضائية اللبنانية بالايعاز الفوري للقوى الامنية المختصة بتوسيع رقعة عملها في حفر المدافن لتشمل جميع المناطق اللبنانية".

"القوة الثالثة"

وفي بيان اصدرته هيئة المتابعة لمنبر الوحدة الوطنية "القوة الثالثة"، بعد اجتماعها الأسبوعي امس ، قالت: "صدم الرأي العام اللبناني بخبر اكتشاف مقبرة جماعية في منطقة البقاع، وأعاد هذا المشهد المريع إلى ذاكرة اللبنانيين فظائع الحرب القذرة التي كانت، وستبقى، وصمة عار على جبين قادة الميليشيات المتقاتلة، كما على جبين أجهزة الاستخبارات المحلية والخارجية التي كان لها دور في الحرب القذرة".

واشارت الى ان "المقبرة المكتشفة أخيراً لم تكن الاولى المكتشفة، وقد لا تكون الاخيرة. واذا كانت تلك الحقبة المشؤومة قد طواها قضائيا قانون صدر عن مجلس النواب اللبناني بالعفو العام، فإن فظائع تلك الحقبة لا يمكن أن تمحى من ذاكرة التاريخ".