جانب رئيس
تحرير جريدة "المستقبل"
رد على مقالة
الدكتور
يوسف
مروه المنشورة
في مجلتكم
الغراء عدد 582 الأربعاء
14/5/2003
لا
نريد في هذا
الرد أن نقلل
من أهمية
دراسة الدكتور
مروه ولا نريد
أن نتجنى على
الطائفة الشيعية
الكريمة التي
نعتز بها
وبتاريخها اللبناني
أكثر بكثير
مما كان يعتز
بعض أبنائها،
وقد يكون
الدكتور مروه
من هؤلاء، قبل
الأحداث
الدامية التي
جعلت من أبناء
هذه الطائفة أكثر
من دفع في
سبيل لبنان،
بمعرفة أم
بدون معرفة. فقد
حارب كل
الأحزاب
بدماء الشيعة
بدأ بالفلسطينيين
وانتهاء
بإسرائيل
وسوريا
وإيران ولا
يزال بعض
المغالين
الشيعة عندنا
يتطلعون إلى
الخارج
لتثبيت
هويتهم وحقهم
بالوجود، ونحن
نشكر حزب
الله، مع كل
الخلاف الذي
بيننا حول
مسائل عديدة
وأساسية،
وفقط لأنه
استطاع، عن حق
أو باطل، أن
يعيد للشيعة
الفخر بانتمائهم
للبنان، ولو
كان يقاتل من
أجل الامتداد
الإيراني
والثورة
الإسلامية
وغيرها من
الشعارات. ونشكر
إسرائيل التي
أعطته هذه
الفرصة منذ 1982
بأن تركته
يتربى على
أيدي الحرس
الثوري الإيراني
ثم يتدرب
بقتال جنودها
حيث أعطته الفرصة
تلو الأخرى
ليجمع حوله
ولاء شيعيا
عملت سوريا،
ولمصلحتها،
على جعله
وطنيا شاملا وفرضت
على كل القوى
الأخرى
والأحزاب
الاعتراف به
وتبنيه وحده
ليصبح ممثلا
للبنان ويزيل
عنه وجه الحرب
الداخلية
البغيض، ولكن
ليبقيه رهين
شعارات
الإرهاب
والتخلف
والعداوة لا
يعرف كيف يخرج
منها.
إن
الحديث عن
حدود لبنان
مهم جدا
والحدود ليست
فقط مع
إسرائيل،
والمشاكل
ليست كلها من
إسرائيل،
ولكن ما دام
الحديث عن
الحدود
الجنوبية
فلنبدأ به
وللناقش
المعلومات
الواردة بكل تفاصيلها
لنرى أين هي
المغالطات ثم الطروحات
التي تمس
بلبنانيين
كبار أعطوا
لبنان أكثر بكثير
من غيرهم ولا
يجب التشكيك
بهم فقط كونهم
ينتمون
لطائفة حملت
هموم هذا
البلد ولا
تزال وذنب
زعمائها
الوحيد أنهم
لم يريدوا أن
يكونوا مطية
لأحد ولا "شرابة
لأي خرج" كما
يقول المثل
اللبناني.
في
المغالطات:
يعدد
الدكتور مروه
القرى السبع
التي يريد أن يلصق
تهمة التخلي
عنها للرئيس
بشارة الخوري
وهو يحاول أن
يكون دقيقا
ولكنه يخطئ في
دقته فيبدو
غير مالك
للمعرفة التي
يدعيها.
أولا:
المالكية لا
تقع شرق كفركلا
وإذا كان
الدكتور يريد
الكلام عما
يقع شرق كفركلا
فهو ما يسمى
عند
الإسرائيليين
"بمسكاف
عام" وهي لم
تكن لبنانية. و"هونين تقع
أيضا شرق كفركلا
وبالضبط تحت
مركز الأمم
المتحدة
الحالي الواقع
بين حولا وكفركلا.
أما ما يقع
شرق حولة فعلا
فهو "المنارة"
والتي كان
اليهود دفعوا
ثمنها
واشتروها قبل 1948
من لبنانيين
قد يكونون
شيعة ومن
المنظورين
بينهم، ومن
المعروف أن
بيت سلام وبيت
الصلح وبيت
الأسعد وبيت سرسق
وغيرهم من
اللبنانيين
قد باعوا، كما
الفلسطينيين،
أراض لليهود
في إسرائيل إن
على الحدود أو
في الداخل
وهذه ليست
بجرائم إلا في
نفوس الذين
يريدون رمي
اليهود في
البحر لأن
البيع والشراء
قد حلله الله
كما نعتقد.
وما
يقع جنوب شرق
بليدا ليس "قدس"
بل مقام النبي
يوشع وهو
لا يقع بقرب يارون،
كما يقول
الدكتور، وهو
يطل على ما
كان مستنقعات
أو بحيرة الحولة
وقد أصبح سهلا
غنيا فيه مدنا
كبرى مثل
كريات شمونة
وغيرها مما
كانت تستهدفه
صواريخ حزب
الله فيعود
على
الجنوبيين
بالويل والدمار.
أما
المالكية فهي
تقع جنوب شرق عيترون
وكل أبناء
المنطقة
يعرفونها،
إلا من لا
يحبون أن
ينظروا إلى ما
خلف الحدود ثم
يدعون المعرفة.
وهنا نريد أن
نقول أن
المعرفة لا
تتجزأ وهي ليست
مزاجية ويجب
دوما أن نذكر
ذلك فإما أن
نكون علميين
دقيقين وإما
أن نكون شعراء
عاطفيين، ولا
يمكن أن نحتفظ
بالدقة
العلمية
المطلوبة، مع
احترامنا
للدكتوراه،
بإشراكها مع
العواطف
والتعصب
الأعمى،
فالبحث يجب أن
يكون دقيقا
شاملا وليس
مجتزأ.
وما
يقع جنوب شرق يارون
ويسمى "كيبوتس
بارام" هو
كيبوتس
جديد أطلق
عليه هذا
الاسم ولو كان
الدكتور
مطلعا على غير
ما طالب به الشيعة
في الجنوب
لكان قال بأن
هذا الاسم
بالذات هو
لقرية
مارونية هي
كفر برعم لا
تزال أبنيتها
وكنيستها
ومدافن أهلها
قائمة حتى
اليوم ولا يزال
أهلها يرفضون
التخلي عنها
وقد استطاعوا
أن يكسبوا
قضية في محاكم
إسرائيل لكي يعودوا
إليها وهم لا
يزالون
يسكنون في
قرية الجش
القريبة.
أما
تربيخا
وليس ترنيخا
فهي تقع جنوب
غرب عيتا
الشعب وليس
قرب "حانيتا"
إبدا.
هذا
في الواقع
الجغرافي،
أما الواقع
التاريخي
فليسمح لنا
الدكتور
بمطالعة
بسيطة نستند فيها
إلى أحد كاتبي
تاريخ جبل
عامل السيد
جابر آل صفا(تاريخ
جبل عامل عن
دار النهار
للنشر) وهو
عندما يتحدث
عن تاريخ
الشيعة في جبل
عامل يذكر بأن
الشيخ ناصيف
النصار
كان قد حارب ضاهر
العمر الذي
كان أعاد بناء
عكا وحكم
محيطها ما
أصبح بفضله
ولاية ورثها
الجزار والكل
يعرف البقية،
وقد حارب ناصيف
النصار
في البصة
التي كانت لضاهر
العمر، وهذه
تقع جنوب اللبونة، وحارب
في مارون. وفي
معركته ضد
الجزار قتل ناصيف في يارون. وقد
طرد حمد البيك
العرب الذين
كانوا ينزلون
في رميش،
ولا تزال
جبانة العرب
قرب راميا
تذكر بأن هؤلاء
قد سكنوا في
بعض أيامهم في
هذه المنطقة. ولم
يبقى داخل
حدود لبنان
الجنوبية من
العرب أي
القبائل البدوية
الفلسطينية
إلا قرى
مروحين ويارين
والضهيرة
والبستان أي
مجمع صغير جدا
داخل المنطقة الشيعية. وهنا
نستطيع أن
نقرأ جزأ من
التاريخ الذي
صنع حدود
لبنان كما في
كل مرة. وحدود
لبنان أيها
الدكتور هي
حدود مساندة
الطبيعة للأقليات
المرفوضة في
الخارج و"هو
يبدأ حيث تبدأ
الطبيعة
بمساندة حرية الأنسان" (الدكتور
يوسف الحورني
- لبنان
في قيم تاريخه).
ما
يقوله الشيعة
اليوم من أن
هذه القرى
كانت شيعية أي
لبنانية صحيح
لأنه لا يوجد
أي تواجد شيعي
إلى الجنوب من
هذه القرى، ولكن قرى
الدروز في
الجليل هي
أيضا من أصول
لبنانية،
والقرى
المارونية
أيضا لبنانية
ولماذا لا
نعيد القرى
البدوية إلى
إسرائيل فهذه
أيضا جذورها وعلاقاتها
في داخل
إسرائيل فعرب العرامشة
وعرب الهيب
وغيرهم من
البدو يسكنون
في شمال
إسرائيل ويخدمون
في جيشها ولهم
أن يطالبوا
بأقاربهم
وأهلهم. ولكن
عند ترسيم
الحدود بين
الدولة
الفرنسية
والدولة
البريطانية
يومها أتفق
على أن يكون
خط القنن
أو مقلب الماء
كما يسميه
العامة بين
رأس الناقورة
في الغرب (على
البحر) وجبل
مارون في
الشرق (عند
نقطة تحول
الحدود شمالا)
هو خط الحدود
بين البلدين،
ثم يصبح الخط
بين مقلب
الماء الشرقي
والغربي حتى
المطلة حيث
يتوجه إلى
الشرق ليلتقي
خط قمم حرمون
والسلسلة
الشرقية
الفاصل بين
لبنان وسوريا.
ولم تشق طريق
رسمية تصل رميش
بكفر برعم
مثلا ولكن
تعاطي الناس
عبر الحدود بقي
متواصلا في
فترة
الانتداب وما
بعده حتى قيام
إسرائيل ببناء
جدار الكتروني
منع كل عمليات
التعاطي بين
الناس عبر
الحدود. وليعلم
الدكتور مروه
أن الضباط
اللبنانيين هم
الذين رسموا
الحدود ووضعوا
الإشارات الجودزية
في أواخر
الخمسينات
بإشراف الأمم
المتحدة. وقد
خسر
الإسرائيليون
بعض أراضيهم
في سهل مرجعيون
حول المطار
الفرنسي وقد
كانوا
اشتروها من
الجنوبيين
لأن الحدود
هناك جعلت هذا
السهل بكامله
لبنانيا،
وقرية المطلة
اشتراها
أوائل
المهاجرين
اليهود قبل
سنة العشرين.
صحيح
أن التاريخ
يسجل تقاتل
الشعوب ولكن
التعاون له
أهميته أيضا
وعلى حدود كل
الدول هناك تداخل
شعبي
فالألمان
والفرنسيين
يتداخلون على
الحدود كما
الإيطاليين
والفرنسيين
أو
السويسريين،
والألبان
والصرب وغيرهم
من الشعوب،
وعندما تكون
مشكلة لبنان
وإسرائيل على
الحدود محصورة
بسبعة مزارع
فهذا ليس
موضوع يستحق
أن يدفع كل
لبنان ثمنه
بحرب أنت بعيد
عنها وتستطيع
أن تنظر ما
شئت من حيث
تقيم لأن
النار لا
تلسعك، ولكن
الجنوبيين
الفلاحين
البسطاء
يريدون أن
تستمر حياتهم
ولا تهدم بيوتهم
وآمالهم كلما
أراد أحدكم
التنظير ورمي
الاتهامات يمنة
ويسرى وقتل
أبناء الناس
بدون فائدة. فعندما
طرحت إسرائيل
الانسحاب
الغير المشروط
ورأت سوريا
بأن ذلك قد
يحرجها فتضطر
إلى
الانسحاب،
قامت لتعرض
موضوع القرى
السبع ولكنها
قوبلت برفض كل
الدول الكبرى
التي كانت
ترعى الاتفاق
السري، وخاصة
الأمم المتحدة،
بشأن انسحاب إسرائيل،
ولكي يبقى
هناك "قميص
عثمان" (وأنتم
الشيعة خير من
عرف قصة قميص
عثمان) وبعد
أن تم التأكد
من أن كل
الأرض اللبنانية
قد أعيدت،
ظهرت قصة
مزارع شبعا
هذه فقط لكي
يبقى العذر
لحزب الله كي
لا يلقي سلاحه
مثل بقية
القوى
اللبنانية
ولا يعود يفرض
نفسه دولة
داخل الدولة
كما حدث في
قضية الأوزاعي
وغيرها من
قضايا الخروج
عن سلطة
الدولة، ولكي
يبقى له
ولسوريا
مجالا لتخريب
الاتفاقات، ولا
نعرف نحن إن
كانت الخربطة
تخدم مصلحة
لبنان؟ أو
سوريا؟ أو
إسرائيل؟
كنا
نود أن نرى
الدكتور مروه
الذي يتحفنا
بأن الشيعة
بني عاملة هم
فينيقيون،
ونحن متأكدين
من ذلك، يسهب
في التفاصيل
ويقنع أكثر
فأكثر جماعته بلبنانيتهم
الغير منقوصة
أو التي لا
تحتاج إلى
التبرير أو
النسبة، ولكن
المشكلة كانت
دوما أن الشيعة
لا يريدون أن
ينسبوا إلى الفينيقيين
لأن في هذه
النسبة بعد عن
مركز الديانة
الإسلامية
ويصبحون بذلك
خارج العرب الذين
"هم خير أمة
أخرجت للناس" وهذه
كانت مشكلتهم
الأساسية لأن
أئمتهم كانوا
دوما من السياد
آل البيت أي الذين
يرجعون
بالنسب إلى آل
بيت النبي (صلعم)
ومن الطبيعي
أن يكون
الزعيم من
الشعب فكيف
يكون من هذا
البلد وينسب
إلى غيره، هذه
كانت مشكلة
الشيعة خاصة
والمسلمون عامة،
وهؤلاء
الشيعة هم
بالفعل من
سكان المنطقة
الأصليين وقد
ورد اسم "عاملاتو"
في الرسائل
المصرية التي تعود
إلى فترة ما
بعد رعمسيس
الثاني من ضمن
القبائل
والشعوب
التي تسكن هذه
المنطقة أي
جنوب لبنان،
ويعيد إبن
الأثير عاملة
إلى "عماليق"
ونحن نعلم أن
قبيلة عماليق
كانت في هذه
البلاد على
زمن موسى وياشوع
بن نون بحسب
التوراة،
وأكثر من ذلك
فقصة تشيع
عاملة مع أبو
ذر الغفاري،
الصحابي
المعروف،
والذي كان
نفاه معاوية إلى
جنوب لبنان
فسكن بلدة ميس
الجبل والبعض
يحب أن يسكنه عدلون،
ليست بغريبة
على أبناء هذه
المنطقة
الذين يجب أن
يعشقوا
الحرية كما كل
اللبنانيين،
وهم لم يدخلوا
الإسلام
الغازي القوي
بل ذلك الإسلام
المظلوم
المبعد وقد
قيل بأن "عاملة
قد حاربت
الإسلام
غازيا وعدت
بين تحالف
القبائل التي حاربت
النبي في غزوة
تبوك،
وهي قبلته
لاجئا مع أبو
ذر الغفاري"
ما يفسر كثيرا
من مشاعر
الشيعة
للوقوف ضد الظلم
ويشدد على ذلك
طقوس كربلاء
السنوية،
ولكننا
نسألهم ألا
يكونوا هم من
الظالمين إذا ما
قدر لهم أن
يكونوا أصحاب
السلطة.
أما
مزارع شبعا
فقد دخلها
السوريون
عنوة واحتلوها
ولم يكن
بمقدور لبنان
أن يحارب
سوريا لأنه،
كما اليوم،
سوريا قادرة
على تخريب
لبنان بواسطة
بعض ضعفاء
النفوس، ولذا
فقد قبل لبنان
مؤقتا بالوضع.
ونحن نطلب من
الأخوة
الشيعة "المجاهدين
الأقوياء" أن
ينتزعوا من
سوريا نصا
مكتوبا تعترف
فيه بأن مزارع
شبعا هي أرض
لبنانية وسوف
تعيدها لنا
فور انسحاب
إسرائيل منها
مع عودة
الجولان،
لأننا ساعتئذن
قد نستطيع أن
نحلم بموضوع
كهذا أو قد
نستطيع عندها
أن نفاوض
إسرائيل على
إعادتها لنا
قبل الجولان
لأنها تصبح
أرضا لبنانية
لا سورية كما
هي حالتها
الحاضرة،
فإسرائيل قد
احتلتها في 1967
وكانت يومها
سورية
باعتراف الكل.
وإذا كان
زعماء لبنان
قد أخفوا
حقيقة احتلال سوريا
لهذه المزارع
عن أبناء
الشعب فلم يكن
ذلك كرامة
لإسرائيل
بالتأكيد بل
تجنبا لمشكل مع
سوريا.
لذا
يا حضرة
الدكتور
المفكر والذي
نحب أن نفخر
به في بلد
الاغتراب
هذا، نلفت
نظركم إلى عدم
تبني الأشياء
بظواهرها
والمساندة
العمياء لما
يطرح في داخل
لبنان بل أن
يكون
الاغتراب،
وخاصة المفكرين
فيه، عناصر
حوار حقيقي
وعناصر تخفيف
للتشنجات
ومزيد من
الانفتاح لكي
يسهم هذا الاغتراب
في قيامة
لبنان لا في
مزيد من
التدمير.
وكما
لم يتنازل
الجنرال عون
عن أي شبر من
أرض لبنان
لسوريا فلا شك
بأنه لن
يتنازل عن أي
شبر
لإسرائيل،
ولكنه يعرف أن
هذه
الأسطوانة هي
من أجل
الدعاية
وتحميل لبنان
مزيدا من
الأوزار
وبدون ثمن إلا
بقاء المحتل
السوري على
كامل أرض
لبنان مع كل
أجهزته
ومخلفاته
بحجج واهية
كهذه . وما يجب
على
اللبنانيين
هو مطالبة
سوريا بإرجاع
هذه الأرض
التي أخذتها
بالقوة أو
بالجيرة أو
بالأخوة أو
بالاستعارة
فنحن لم نعطها
لإسرائيل ولم
تأخذها
إسرائيل منا
بالقوة.
الكولونيل
شربل
بركات
تورونتو 15/5/2003