الحريري، مع
كل الاحترام
بقلم
الكولونيل/شربل
بركات
الرئيس
الحريري ذلك
الرجل الذي
صنع نفسه بنضاله
ومثابرته،
بعزمه
والطموح،
توصل إلى جعل الحلم
حقيقة. الرئيس
الحريري
الجنوبي ابن
صيدا، الذي
تربى في
أزقتها وعمل
في البساتين
ككل أولادها،
توصل، بالجهد
والمثابرة،
إلى أن تنتظره
قصور الأمراء
والملوك،
وتنفتح أمامه
أبواب
الرؤساء
وصانعي
القرار في أهم
دول العالم
الرئيس
الحريري، قد
لا تحبه أو
توافقه الرأي،
ولكنك لا بد
أن تعجب بأحد
جوانب شخصيته
الفذة..
اليوم
يفتقده
لبنان،
ويفتقد به رجل
الدولة الذي
حاول أن يبني
بالرغم من كل
العوائق، وأن
يعمل بالرغم
من كل الصعاب.
لم
يبدو على
الرئيس
الحريري
تعصبا في
الوطنية أو
مغالاة في
الولاء
للبنان، لا بل
قد يؤخذ عليه
أنه ساير
الاحتلال،
وحاول
التحايل عليه
والتعايش
معه، ولكنه
حتى بما يؤخذ
عليه استطاع
أن يثبت
السلم، ويمنع
التقاتل،
ويبعث الأمل،
ويسمح بهامش
بسيط من
الحرية.
قد
لا توافقه أنه
سمح بتعطيل وتجيير
المؤسسات
أحيانا، أو
أنه تغاضى عن
التلاعب بالقانون
مرات، ولم
يعترض على من
جعل القضاء وسيلة
للتشفي
بالخصوم،
ولكنك تلمس
خلف كل هذا
بعضا من الروح
بقيت للوطن،
وجزءا من
البناء صار
متنفسا
لأبنائه، لا
بل معلما يهدي
ويجذب.
الرئيس
الحريري لو لم
يكن مزعجا لما
قتلوه...
خافوا
من صداقاته
العالمية
وتأثيره
الدولي،
خافوا من
علاقاته
العربية
واحتوائه
للشارع
السني،
ولكنهم لم
يقتلوه لهذه
أو تلك، بل
لخوفهم من
اجتماع
اللبنانيين
وعدم قدرتهم
بعدها على
اللعب بهم
والتهويل عليهم.
عرف
الرئيس
الحريري،
بعلاقاته
الدولية وبقراءته
للأحداث، أن
ساعة المحتل
قد دنت، وأن رحيله
بات قريبا،
ولذا فهو لم
يقدر أن يقف
متفرجا، لأن
التاريخ لا
يذكر إلا
المواقف، والوطن
في المفترقات
المهمة يحتاج
إلى الرجال.
وتربص
العدو
بالقادة،
كعادته،
ليرهب البقية،
وكان الهدف
كبيرا كي لا
يجرؤ أحد على التفلت
بعد اليوم،
وخافوا أن
يصاب ولا يقتل
فصبوا كل
الغضب، وكل
الحقد، وكل
الخبرة في التفخيخ
والمتابعة
والتخطيط،
وكبروا
العبوة كي لا
يخرج أحدا
منها، ولكي
تكون رمز
للخراب الذي
يواكب لآخر
مرة رجل
البناء.
وهكذا
كان زلزالا
تفجر وأشاح عن
صورتهم
الحقيقية،
فهل يمكنهم
بعد التخفي؟
ردة
فعل
اللبنانيين
طبيعية كانت،
وعفوية، وبقدر
المأساة،
ولكن أهم ما
فيها أنها
جمعت أطراف
لبنان التي باعدتها
الحرب المفروضة،
والتهديد
المتواصل،
والتربص بكل
من يسعى
للتعاون، لأن
وحدها وحدة
اللبنانيين
تخيفهم،
ووحده قرارهم
الموحد برفض
الاحتلال يرهبهم.
فهل
يكون استشهاد
رجل البناء
مؤشرا لبداية
التحرر من
القيود
والانطلاق
بورشة البناء
الدائمة التي
ستبني، ليس
فقط الحجارة
والطرقات، بل
المؤسسات
والدولة،
الوحدة
الحقيقية
والقدرات،
التعاون
والتفاهم على
المستقبل
المزهر الذي
حلم به هذا
الرجل
الكبير؟
إن
الخطر
الوحيد،
والذي يعرفه
اللبنانيون جميعا،
هو أن يدفع
المحتل بأزلامه
ليعبث بما بدأ
به الرئيس
الراحل من
توحيد صفوف
اللبنانيين
للمطالبة
بالاستقلال
الناجز
والحقيقي.
الخطر
يكمن بأن
يتحول الغضب
على الفاعلين
غضبا على
الجار في
الشارع
الآخر،
فيعتقد هذا أنه
بالفعل مؤيدا
للمحتل وينسى
أننا جميعا في
نفس السفينة
التي يحاول
هذا المحتل
إغراقها منذ
ثلاثين سنة.
أيها
اللبنانيون،
يا من دفعتم
من فلذات أكبادكم
ثمنا لهذا
الوطن،
انظروا إلى
البعيد وتفهموا
الصورة
الحقيقية،
فقوتكم
بوحدتكم، وقدرتكم
على الانطلاق
هي بتماسككم.
ورحمة بآخر
الشهداء، لا
تجعلوا دمه
يذهب هدرا،
ولا تقبلوا
بأن يزجكم
الحاقدون في
آتون جديد
يريدونه لكم،
فالعالم
ينتظر منكم
وقفة رجل
واحد، وقرار شعب
عظيم يعرف ما
يريد، فكفانا
تفككا، وكفانا
تشتتا، لأن
المصيبة
كبيرة،
والآتي، الذي
يحاولون
إيقاعنا به،
أعظم، فلنكن
كلنا كلمة واحدة
ومطلبا
واحدا؛ أن
ارفعوا
الوصاية عن لبنان
وساعدوا شعبه
لكي يتحمل
مسؤولية بناء
دولته، وإن
الجميع لمستعدون
لدعمكم
والوقوف
بجانبكم.
فليكن
ذكر الرئيس
الحريري
مترافقا دوما
مع وحدة
اللبنانيين
وخلاص البلد
من دائرة
الحقد والعنف
التي كرهها
هذا الرجل
وحاول ألا
يسهم بها.
كندا
– تورنتو 16/2/2005